الطاقة |
المغرب على طريق التحول إلى إمبراطورية طاقية عملاقة في إفريقيا وحوض المتوسط
تعد التحولات الجذرية التي يشهدها المغرب في مجال الطاقة الأحفورية مجرد مشاريع طموحة، بل إنها باتت واقعا يتم تجسيده على الأرض من خلال خطوات المملكة نحو تحقيق طموحاتها الطاقية والاقتصادية الجيوستراتيجية، والأمر هنا يتعلق باستراتيجيات محكمة تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب كقوة طاقية رئيسية في إفريقيا وحوض المتوسط، إذ أن التحركات الذكية والمخطط لها بعناية التي تقوم بها الرباط، تشير إلى بلورة المملكة رؤية شاملة لتحقيق السيطرة على الأسواق الدولية للطاقة.
وكلمة السر في هذه الخطط الإستراتيجية هو مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط الذي يتضمن مشروع إنشاء منطقة لوجستية للمحروقات، ومحطة للغاز الطبيعي المسال،هذه المنشآت ستعزز من قدرات المغرب على استقبال وتخزين وتصدير الغاز الطبيعي، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الأمن الطاقي الوطني. إن الاكتشافات الغازية الكبيرة التي أعلنت عنها المملكة في مناطق بحرية وبرية، وهذه الاحتياطيات الهائلة ستلعب دورا محوريا في زيادة الإنتاج المحلي وتوفير احتياجات السوق الداخلية، فضلا عن تعزيز قدرات التصدير إلى الأسواق الإقليمية والدولية، لكن مع كل هذا الزخم الطاقي، تسعى المملكة إلى توسيع دائرة نفوذها الجيواستراتيجي الطاقي، فبالنسبة للرباط، الطاقة الاحفورية الوطنية وحدها لا تكفي لتحقيق السيادة الإقليمية والقارية، فتغطية الاستهلاك المحلي وحتى التصدير سيجعل من البلاد قوة طاقية ذات وزن سياسي متميز، لكنه لا يرقى الى طموح المغرب الذي يسعى دائما الى التفوق الجيواستراتيجي، وهو ما جعله يطلق رفقة شركائه القاريين أحد أضخم مشاريع الطاقة في إفريقيا والعالم، ألا وهو أنبوب الغاز المغربي النيجيري. يعد مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري واحدا من أكثر المشاريع الطموحة التي يسعى المغرب لتنفيذها، هذا الأنبوب سيمتد عبر عدة دول إفريقية، وصولا إلى أوروبا، مما يجعل المغرب لاعبا رئيسيا في تأمين إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا، ويعزز من دوره في تحقيق الأمن الطاقي للقارة الأوروبية، الأمر الذي يضع بين يدي المملكة أوراقا سياسية مهمة، ستقوي موقعها الترافعي الدولي، وتجعل المنتظم الدولي يلتقط رسائله، ووجهات نظره في القضايا الشائكة على محمل الجد، مما يعكس تفوق التكتيك الجيواستراتيجي المغربي الذي نجح في جعل الاقتصاد دعامة قوية للسياسة الخارجية للمملكة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق