الخميس، 21 أغسطس 2025

abdo hamza

مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا.. نفق بحري يصل أفريقيا بأوروبا

abdo hamza بتاريخ عدد التعليقات : 0

 

 

المغرب

مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا.. نفق بحري يصل أفريقيا بأوروبا

مشروع ظل قيد النقاش بين الرباط ومدريد عقودا عدة، بدأت فكرته بإقامة جسر فوق سطح البحر قبل أن يتحول إلى إنشاء نفق تحت قاع البحر، يربط البلدين الجارين ويفتح بذلك الطريق أمام تعزيز التواصل بين أفريقيا وأوروبا بشكل أوسع. تأثر تقدم المشروع فترات طويلة بالخلافات السياسية بين المغرب وإسبانيا بشأن ملفات ثنائية وإقليمية مختلفة، لكنه استعاد زخمه بعد دعم مدريد عام 2022 مشروع الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.

وازدادت أهمية المشروع بعد اختيار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة فعاليات بطولة كأس العالم (المونديال) عام 2030، في ظل الاهتمام الإقليمي بتعزيز المبادرات والشراكات الاقتصادية بين أوروبا وأفريقيا.

تاريخ الفكرة

تعود فكرة الربط بين أوروبا وأفريقيا عبر مضيق جبل طارق إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر في ظل المشاريع الاستعمارية الغربية في المنطقة، وهي الفترة التي شهدت افتتاح قناة السويس في مصر وتبلورت فيها فكرة إنشاء ممر ثابت بين فرنسا وبريطانيا عبر بحر المانش (نفق المانش)، وهو ما تحقق في أواخر القرن العشرين عبر نفق للسكك الحديدية تحت البحر افتتح عام 1994.

وتحولت فكرة الربط بين المغرب وإسبانيا إلى مشروع تبناه الطرفان بشكل رسمي عام 1979 باتفاق بين الملك المغربي الراحل الحسن الثاني والملك الإسباني السابق خوان كارلوس.

وفي أولى خطوات تفعيل الفكرة، تم إنشاء "الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق" بالمغرب، و"الشركة الإسبانية للدراسات من أجل الربط الثابت عبر مضيق جبل طارق"، وتم تكليفهما بمهام دراسات الجدوى والتخطيط التقني للمشروع.

في البداية طُرحت فكرة إنشاء جسر يربط بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق لاختصار المسافة البحرية بين الشاطئين التي لا تتجاوز 14 كيلومترا. وفي 1983 بدأت سلسلة أعمال تجريبية على ضفتي المضيق، شملت الحفر والدراسات الملاحية المعقدة، بهدف تقييم مختلف البدائل في إطار مرحلة ما قبل الجدوى.

غير أن نتائج الدراسات والتجارب دفعت في 1996 إلى استبعاد خيار الجسر، والاتجاه بدلا من ذلك نحو إنشاء نفق للسكك الحديدية تحت الماء مثل نفق المانش، بطول إجمالي يبلغ 42 كيلومترا، منها 28.5 كيلومترا تمر أسفل قاع البحر.

دراسات الجدوى

بعد أن استقر القرار على خيار النفق البحري بدأت عام 1997 دراسات الجدوى واستمرت حتى عام 2005 بإجراء دراسات جيولوجية إضافية، لا سيما عبر تجارب الحفر العميق في البحر (تحت قطاع مائي يبلغ عمقه 280 مترا).

في عام 2007 انطلقت فعليا دراسات الجدوى الشاملة لمشروع الربط عبر مضيق جبل طارق، وتم بحث مسارين محتملين للمعبر تحت الماء: الأول بطول 14 كيلومترا وعلى عمق 800 متر، لكنه اعتُبر شديد الخطورة، والثاني يُعرف بمسار "أومبرال"، ويمتد 28 كيلومترا تحت البحر على عمق 300 متر فقط، مما جعله الخيار الأنسب نظرا لاعتداله الجيولوجي.

وبناء على نتائج هذه الدراسات، توصّل المغرب وإسبانيا عام 2009، في الدورة الـ42 للجنة المشتركة بينهما، إلى ضرورة إزالة الشكوك المتعلقة بتكوينات قاع المضيق، مع الاستعانة بأحدث تقنيات حفر الأنفاق المتاحة آنذاك.

توقفت النقاشات المتعلقة بالمشروع فترات طويلة، خصوصا ما بين 2010 و2021، بسبب التوترات الثنائية والإقليمية.

عودة المشروع إلى الواجهة

في عام 2022 عاد مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا إلى دائرة الاهتمام السياسي، بعدما أعلنت مدريد للمرة الأولى دعمها مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.

وشكّل ذلك منعطفا في مسار التعاون بين البلدين، تُوج عام 2023 بتوقيع مذكرة تفاهم جديدة هدفت إلى تحديث ومراجعة دراسات الجدوى المنجزة في العقود السابقة.

منذ ذلك التاريخ تم توحيد الإطارين التنظيمي والعملياتي لكل من الشركة المغربية لدراسات مضيق جبل طارق والشركة الإسبانية للدراسات من أجل الربط الثابت عبر المضيق، مما أسهم في تعزيز التنسيق وجعل قنوات التواصل أكثر فعالية.

ولترسيخ هذا التعاون تم في 2024 إدماج شخصيات دبلوماسية رفيعة في إدارة المؤسستين؛ إذ عُيّنت سفيرة المغرب بمدريد كريمة بنيعيش عضوا في مجلس إدارة الشركة الإسبانية، في حين انضم السفير الإسباني بالرباط إنريكي أوخيدا إلى مجلس إدارة إدارة "الشركة المغربية لدراسات مضيق جبل طارق".

وتضمنت خطة العمل للفترة بين 2024 و2026 تنفيذ أشغال رئيسية، أبرزها:

  • التعاون مع مراكز ومعاهد علمية وتقنية على المستويين الوطني والدولي.
  • إجراء حملات استكشاف جيولوجي في البر والبحر لرسم المسار الأمثل للنفق.
  • إنجاز تقييمات تقنية واقتصادية واجتماعية وبيئية وجيوستراتيجية للمشروع.
  • الترويج للمشروع على الصعيدين الإقليمي والدولي.

كما شملت دراسات الجدوى تطوير نموذج هندسي مستوحى من نفق المانش، إلى جانب تزويد قاع البحر بتجهيزات للرصد الزلزالي، وإبرام شراكات علمية بين مراكز البحث المغربية والإسبانية لتعميق الفهم الجيولوجي والهندسي للممر. وتُقدر التكلفة الإجمالية لهذه الدراسات والأشغال بحوالي مليار يورو.

مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا.. نفق بحري يصل أفريقيا بأوروبا
تقييمات المشاركة : مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا.. نفق بحري يصل أفريقيا بأوروبا 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق